العمل الرعائي الاعتراف والتخفيف والتوزيع
العمل الرعائي
الاعتراف والتخفيف والتوزيع
أعداد:
سماح سعيد خبيرة التنمية و النوع الاجتماعي
منى عزت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة النون لرعاية الأسرة
إن موقع المرأة عند نقطة التقاطع بين الإنتاج والإنجاب، وبين كسب العيش ورعاية الأسرة، يجعل تنظيم العلاقات بين الجنسين أمرا محوريا في العلاقة بين النمو الاقتصادي والتنمية البشرية – نايلا كابير
تنمو وتتطور المجتمعات بفضل العمل المنزلي غير مدفوع الأجر- أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر- يحتاج الإنسان منذ الولادة وحتى البلوغ الرعاية التي تمكنه من النمو والتعلم والتطور الوظيفي ، ومن ثم المساهمة في المجتمع بشكل عام .
تنقسم أنوع الرعاية إلى مباشرة وغير مباشرة:
الرعاية المباشرة :
تربية الأطفال - ذوى الإعاقة - كبار السن
الرعاية غير المباشرة:
تنظيف المنزل – الكى – الطهى
تتركز أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة على النساء والفتيات ولا يتم تقدير قيمة هذه الأعمال و ثمة علاقة تأثير وتأثر بين أدوار النساء والرجال في المجالين الخاص والعام فكلا منهما يؤثر على الأخر ويترتب على ذلك تقسيم غير عادل وتنميط للأدوار بين النساء والرجال .
يمثل هذا تحدي لإرساء أساس المساواة الحقيقية بين الجنسين وعلى مدى عقود المتعاقبة انشغلت الهيئات الدولية المعنية بالعمل على معالجة هذا التحدي من مداخل متعددة لكن سوف تركز هذه الورقة على طريقة معالجة اقترحتها الخبيرة الاقتصادية النسوية "ديان إلسون" فهي تقدم طريقة معالجة تقدم ثلاثة مداخل مترابطة ومتكاملة وسوف يتم تطبيقها على الواقع في مصر لكى نخرج بطرق معالجة مناسبة للواقع المصري وقابلة للتنفيذ.
اقترحت في عام 2009 الخبيرة الاقتصادية النسوية ديان إلسون ثلاثة حلول لمعالجة حصة المرأة غير العادلة من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر: الاعتراف، وتخفيض الوقت، وإعادة التوزيع ويشار إليها أحيانًا باسم "العناصر الثلاثة". ومنذ ذلك الحين، أصبحت هذه العناصر بمثابة إطار تنظيمي قيم للتغيير. ويوفر إطار عمل 3 Rs طريقة للعثور على نتائج عملية لمعالجة عبء أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر.
ينظر هذا الإطار، إلى أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر على أنها ثلاثة أبعاد مترابطة - "الاعتراف"، و"التخفيض"، و"إعادة التوزيع". في إطار الاعتراف، قياس استخدام الوقت لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر و احتسابه في الناتج الإجمالي القومي؛ وفي إطار التخفيض، توسيع نطاق الوصول إلى البنية التحتية الرئيسية، والاستثمار في الوقت والتكنولوجيات الموفرة للعمالة؛ وفي إطار إعادة التوزيع، تنفيذ سياسات مواتية لتقاسم الأعباء بين النساء والرجال، مثل إجازة رعاية الطفل ، وخدمات الرعاية العامة الجيدة، مما يجعل هناك تقسيم عادل للأدوار بين النساء والرجال
الاعتراف
الاعتراف بأن أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر تقوم بها النساء بشكل رئيسي
إنه عمل - نوع من الإنتاج يخلق قيمة حقيقية - ويعترف به
على هذا النحو في السياسات ذات الصلة.
الحد / تخفيض الوقت
تقليل إجمالي عدد الساعات التي يجب قضاؤها في الرعاية غير مدفوعة الأجر
المهام من خلال تحسين الوصول إلى الأجهزة الموفرة للوقت وبأسعار معقولة والبنية التحتية الداعمة للرعاية مثل المياه والكهرباء والنقل العام.
إعادة التوزيع
أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة بحيث تقاسم مقدار أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر بشكل أكثر عدالة بين أفراد الأسرة، وتحويل بعض التكلفة والمسؤولية والفرص المرتبطة بها مع أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر للدولة والقطاع الخاص (على سبيل المثال، من خلال خدمات رعاية الأطفال التي ترعاها الدولة و/أو صاحب العمل إجازة والدية مدفوعة الأجر).
الاعتراف بالعمل غير مدفوع الأجر وتقييمه:
يشير هذا المصطلح إلى قياس العمل غير المأجور، الذي لا يدخل في نطاق الحسابات القومية (نظام الأمم المتحدة للحسابات القومية)، من حيث الكمّية، بما في ذلك من خلال تقييمه وعكس قيمته في الحسابات الفرعية، مثل العمل المنزلي، ورعاية الأطفال والمعالين الآخرين، وإعداد الغذاء للأسرة والمجتمع والأعمال التطوعية الأخرى.
اعترفت لجنة الإحصاء في الأمم المتحدة بضرورة إعداد حسابات تكميلية للحسابات القومية تختص بالعمل المنزلي غير المدفوع الاجر
وتتطلب عملية احتساب قيمة العمل المنزلي تطبيق موازنة الوقت للعمل غير مدفوع الأجر أو( مسوح استخدام الوقت) وفي عام 2006 وضع هيئة الأمم المتحدة –إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية – شعبة الإحصاء معايير لدراسة مدى جودة البيانات التي يتم جمعها في مسوح استخدام الوقت ووفقا لإحصائيات هيئة الأمم المتحدة خلال الفترة من 2009 إلى 2012 قامت 35 دولة بأجراء بحوث استخدام الوقت.
وصدر في عام 2015 مسح استخدام الوقت عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء وركز هذا المسح على أنواع الأنشطة التي يمارسها الرجال والنساء في العمل المنظم وغير المنظم والعمل غير مدفوع الأجر والتي تشمل الاعمال المنزلية ورعاية الكبار والأطفال وأنشطة المجتمع المحلى والوقت المخصص للتعليم وقضاء وقت الفراغ وممارسة الهوايات أو الأنشطة الترفيهية الأخرى
أظهرت النتائج أن متوسط قيمة الوقت المستخدم للأنشطة المنزلية غير مدفوع الأجر بالنسبة للنساء هو 52 جنيها في اليوم مقابل 25 جنيها للرجال ويرجع السبب في هذا التفاوت إلى أن النساء تخصص حوالي سته ساعات يوميا لهذا النشاط مقابل ساعة وأربعين دقيقة للرجال .
بلغ تقدير قيمة العمل المنزلي غير مدفوع الأجر على مستوى الجمهورية 654 مليار جنيها في السنة لعام 2015 يخص النساء 79% بقيمة 517 مليار جنية مقابل 21 % للرجال بما قيمته 137 مليار جنية
الأنشطة غير مدفوعة الاجر و التي تشمل : الانشطة المنزلية / أنشطة رعاية الأطفال والكبار/أنشطة توفير خدمات المجتمع المحلى ومساعدة الأسر المعيشية الأخرى
النشاط
النساء
الرجال
تقديم خدمات منزلية غير مدفوعة الاجر
4 ساعات و57 دقيقة (حوالى 5 ساعات )
ساعة و42 دقيقة
رعاية الأطفال والكبار
ساعتان و18 دقيقة
ساعة و50 دقيقة
تقيم خدمات للأسر المعيشية الأخرى والمجتمع المحلي
ساعتين ونصف
4 ساعات
يلاحظ أن الساعات التي يقضيها الرجال خارج المنزل اكبر من الساعات التي تقضيها النساء خارج المنزل ويرجع ذلك إلى انشغال النساء بأعمال خدمات المنزل ورعاية الاطفال والكبار.
كما أن العمل لتوفير الخدمات المنزلية وخدمات رعاية الأسرة غير مدفوع الأجر تساهم فيها النساء المتعلمات بمختلف مراحل التعليم وغير متعلمات وتبلغ عدد ساعات العمل في المتوسط من 4 إلى 5 ساعات يوميا في مقابل الرجال ساعة و40 دقيقة يوميا
يكشف هذا عن تعرض جميع النساء لتنميط في تقسيم الأدوار والمهام داخل الاسرة دون تأثير للمستوى التعليمي
كما تبين أيضا من مسح استخدام الوقت أن هذا التنميط تتعرض له النساء من سن الطفولة حيث يقضي الأطفال من سن 10 إلى 17 سنة أقل من ساعتان في اليوم في نشاط توفير الخدمات المنزلية غير مدفوعة الأجر بينما تستغرق الطفلات في نفس المرحلة العمرية حوالى 3 ساعات في نفس النشاط ، ونسبة الأطفال التي تقوم بهذا النشاط 28 % مما شملتهم عينة المسح في المقابل نسبة النساء 63 %
تخفيف الاعباء :
الحد من عبء العمل غير مدفوع الأجر الذي يتم تحمله بشكل غير متناسب من قبل النساء في بيوتهن، وتلعب السياسة العامة دورا مهما في هذا الصدد فمنها على سبيل المثال تسهيل السلع والبنية التحتية والخدمات التي تحتاج لها النساء عند القيام بأعمال الرعاية المباشرة غير المباشرة، حيث تقضي النساء المتزوجات سبعة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال المتزوجون في الأعمال المنزلية، في حين إنه تقضي النساء غير المتزوجات ستة أضعاف الوقت الذي يقضيه الرجال غير المتزوجين في الأعمال المنزلية.
فتقضي النساء الكثير من الوقت في أعمال المنزل وإذا أضيف ساعات العمل التي تقضيها النساء خارج المنزل فهي بين وأرديتي عمل وهذا يشل عبء بدني ونفسي عليها كما يحرمها من القيام بأدوار أخرى منها المشاركة السياسية والمجتمعية وعلى مؤسسات المجتمع المختلفة أن تتحمل مسئوليتها أمام رفع المعاناة عن النساء و أتاحه الوقت لها الذي يتيح لها القيام بأدوار متعددة في المجتمع تعزز من قدرتها على المشاركة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لهذا يجب العمل على تعميم خطاب عام في المجتمع يفكك الخطاب التقليدي المحافظ الذي يسهم في تكريس وتأنيث أعمال المنزل بحيث يقبل المجتمع تقسيم أدوار الرعاية داخل الأسرة.
وتعمل الدولة على تخفيف الأعباء وتحسين الخدمات التي تقدم للنساء منها توفير الأجهزة الكهربائية التي تستخدم في المنزل بأسعار مناسبة وطرق في الدفع تناسب القدرة الشرائية للأسرة (الغسالة الملابس والأطباق الكهربائية).
إعادة التوزيع.
يشير هذا المفهوم الى توزيع أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والمنزلية والمسؤوليات الخاصة بتربية الأولاد بين الرجال والنساء بطريقة أكثر عدالة ومتوازنة، فضلا عن ممارسة الأبوة والأمومة المسؤولة. الهدف من ذلك هو تشجيع الآباء والأمهات على تحمل مسؤولية تعليم الأطفال وصحتهم. بالإضافة إلى الدعوة إلى إجازة أبوة مدفوعة الأجر، يدعو إلى سياسات مكان العمل التي تقدر ما يفعله الآباء كمقدمي رعاية بقدر ما يقدرون إنجازاتهم المهنية. وينبغي أن تشمل هذه السياسات، بالإضافة إلى إجازة الأبوة، ساعات عمل مرنة، وإجازة مرضية، وأجر معيشي، وخلق ثقافات في مكان العمل تحترم مسؤوليات تقديم الرعاية للجنسين.
تنشأ أوجه عدم المساواة بين الجنسين في المنزل وفي العمل من التمثيل الغير عادل في الأدوار الإنتاجية والإنجابية التي تستمر عبر الثقافات والسياقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
فإن نموذج الأسرة "الذكر المعيل" بشكل عام، يظل هذا الأمر متأصلًا إلى حد كبير في نسيج المجتمعات ورعاية المرأة للأسرة لا يزال الدور المركزي في الأسرة .
استمرار هذا التقسيم غير العادل يشكل عائق أساسي أمام تحقيق المساواة بين الجنسين وعليه يجب أن تعمل الدولة سياسات تضمن تحقيق التقسيم العادل للأدوار لا يكفي تخفيف الأعباء عن النساء لن يجب أن يتم التعامل مع اعمال الرعاية باعتبارها مسئولية مجتمعية
وتعمل الحكومة المصرية على تقديم بعض الخدمات من خلال الاهتمام بعدد من أنشطة اقتصاد الرعاية التي تعمل على مساندة الأسرة في أعمال الرعاية والتي سوف نقدم نماذج منها على النحو التالي:
مراكز خدمة المرأة العاملة :
مراكز خدمة المرأة العاملة بوزارة التضامن الاجتماعي هي مراكز إنتاجية وخدمية لتخفيف الأعباء الملقاة على عاتق المرأة لأداء أدوارها متكاملة في خدمة المجتمع، وينظم العمل بالمراكز لائحة نظام العمل بالقرار الوزاري الصادر برقم 271 لعام 2012، و يباشر مركز خدمة المرأة العاملة نشاطه بأداء مجموعة من الخدمات المتكاملة التي تهدف إلي تلبية احتياجات المرأة من خلال وحدات عددها 46 وحدة على مستوى25 محافظة بالجمهورية وتنقسم الوحدات إلى :
أولا : وحدة الوجبات الجاهزة عددهم 26 وحدة :
وتقوم بتجهيز وتصنيع وتعبئة المنتجات الغذائية والوجبات الاقتصادية المطهية ونصف المطهية...إلخ، وتباع بأسعار مناسبة.
ثانيا : وحدة إنتاج الملابس والمشغولات الفنية وعددهم 5 وحدات :وتقوم بإنتاج وتوفير الملابس الجاهزة المختلفة والمفروشات للمرأة وأسرتها.
ثالثا : وحدة الغسل والكي وعددهم 14 وحدة:
وتقوم باستعمال الأجهزة الكهربائية الحديثة اللازمة لتنظيف وغسل وكى الملابس والمفروشات وتنظيف السجاد آليا بأجور مناسبة.
رابعا : وحدة معاونات المنازل وعددهم وحدة واحدة فقط :وتقوم بتوفير العاملات المدربات على نظافة المنازل ورعاية الأطفال والمسنين وذلك لمعاونة المرأة العاملة داخل بيتها نظير أجر مناسب.
دور المسنين:
هي مؤسسة اجتماعية معــــدة ومجهزة لإقامــة المسنيــن يتوفر فيها أسلوب الحيــاة الكريمـــة وتقديم برامج الرعاية الصحية والنفسية والثقافية والاجتماعية والترويحية المناسبة، يوجد 166 دور مسن على مستوى 22 محافظة تابعة للجمعيات الأهلية وتشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي ومجهزة لإقامــة المسنيــن وتقديم برامج الرعاية الصحية والنفسية والثقافية والاجتماعية والترويحية.
3- دور الحضانة :
يبلغ عدد الحضانات 26,000 حضانة على مستوى الجمهورية متضمنة حضانات الأطفال ذوي الإعاقة
توصيات
توفر وزارة التضامن الاجتماعي مراكز خدمة المرأة العاملة ودور المسنين ودور الحضانة جهود مهمة لكن تحتاج إلى مزيد من الزيادة العددية لكى تشمل كل المحافظات بحيث يسهل على الأسر الوصول لهذه الخدمات، ومن المهم أيضا أن تمتد ساعات العمل بدور الحضانة حسب مواعيد العمل وتتوفر خدمة الاستضافة ليلا بما يتيح للنساء التي لديها ورديات عمل أن تترك طفلها في مكان أمن
استمرار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في أصدرا "مسح استخدام الوقت" من أجل التعرف على مدى التغير الذي يحث داخل الأسرة المصرية بشأن تقسيم مهام العمل الخاصة أ عمال الرعاية ووضع السياسات العامة المناسبة
اجراء تعديلات على قوانين العمل بحيث تنص على ساعات عمل مرنة و أجازه الوالدين للعمال والعاملات أصحاب المسئوليات العائلية
العمل على تقديم برامج توعية تستهدف النساء والرجال على حد سواء لمناقشة أيديولوجيات النوع الاجتماعي، وقيمة عمل الإناث، وتقسيم العمل بين الرجال والنساء وفهم معمق حول مفهوم الرجولة وخلق حلفاء وشركاء بدلاً من الخصوم
تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة بغرض تغيير عقلية النساء والرجال فيما يتعلق بأدوار ومهام الجنسين وماهية الذكورة والأنوثة