رؤية قانونية للثروة المشتركة
أعداد الباحث القانوني/ كريم عزت
الثروة المشتركة نقصد بها الزيادة التي تحدث في اموال او املاك الزوجين بعد الزواج قبل ان نتحدث عنها وعن كيفية تقيسمها في حالة انقضاء علاقة الزواج اما بالطلاق او وفاة احد الزوجين يجب ان نتحدث عن مفاهيم قانونية تتضمنها القوانين المصرية تتعلق بموضوع الثروة عموما.
القانون المصري يعترف لكل انسان بشخصيه مستقله حيث تقر القوانين في مصر ان لكل انسان شخصية تبدأ الشخصية الطبيعة للإنسان بتمام ولادته حياً، فيجب إذن أن تكون ولادته تامة، وأن يكون قد ولد حياً، فقبل أن تتم الولادة لا تبدأ الشخصية وإذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتاً، فلا تبدأ الشخصية كذلك وتنتهي الشخصية بالموت.
بعد ان اعترف القانون ان لكل انسان شخصية مستقلة يكتسبها فور ولادته نظم القانون حق تلك الشخصية في التملك او ممارسة اعمال التجارة او سلطتها علي ادارة امولها واملاكها فتعترف القوانين بالاهلية القانونية للانسان وحقه في التملك ومباشرة اعماله وتنمية ممتلكاته بنفسه فور بلوغه الواحد والعشرون عام ذلك السن القانون لاكتمال الاهلية القانونية كما اقرت المادة رقم 44 من القانون المدني المصرى حيث سن المشروع المبادئ الرئيسية في الأهلية باعتبار أن أهلية الأداء هی إحدى خاصيات الشخص الطبيعي. واقتصر على أن يشير إشارة سريعة إلى الأدوار التي يمر بها الإنسان . فهو من الميلاد إلى السابعة فاقد التمييز فيكون معدوم الأهلية. وهو من السابعة إلى الثامنة عشرة ناقص التمييز فتكون له أهلية ناقصة ومن الثامنة عشرة إلى الواحدة والعشرين يتسع تمييزه فتتسع أهليته حتى إذا بلغ سن الرشد وهي إحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة كما هو القانون الحالى متمتعاً بقواه العقلية استكمل التمييز فالأهلية، كل هذا إذا لم يصب بعاهة في عقله كالغفلة والبله والسفه والعته والجنون فيفقد التمييز ويفقد معه الأهلية.
اذا القانون في مصر يقر ان لكل انسان شخصية توهله في كل مرحلة من مرحلة اكتمال تلك الشخصية الي اهليه معينه ليباشر فيها حقوقه حتي تكتمل تلك الاهلية ببلوغه سن الرشد ويصبح شخص مستقل كامل الاهلية له مطلق الحرية في التملك وتكوين الثروة وادارتها واستثمارها وثمار تلك الثروة تدخل في ذمته وحده اي ملكه وحده لا ينازعه او يشاركه فيها احد لان القانون يعترف ان لكل انسان ذمه ماليه مستقله.
كما يعترف القانون بالذمة المالية المستقلة المنفصلة بين الزوج وزوجته او الوالدين وابنائهم لانه يقر ان لكل انسان ذمة مالية منفصلة للتصرف في امواله واملاكه فور اكتمال اهليته القانونية ببلوغه سن الواحد والعشرون عام وذلك مبدأ قانوني وقضائي مستقر عليه في احكام محكمة النقض اعلي محكمة مدنية في مصر منوط بها مراقبة تطبيق القوانين حيث قضت: وان كان عقد الزواج في الشريعة الاسلامية لا يرتب اي حق في اموال الاخر اذا لكل منها ذمته المستقلة المنفصلة فلا يحكم عقد الزواج المعاملات المالية بين الزوجين وانما يسري عليها القواعد العامة في القانون بحسب التكيف القانوني لكل معاملة.
اذا القوانين في مصر تقر ان لكل انسان شخصية طبيعية تنشأ معه منذ الميلاد من خصائص تلك الشخصية ان لها حقوق ومنها الحق في التملك لكن يشترط ان يبلغ سن معين لكي يكون اهل لممارسة تلك الحقوق وهو سن الرشد اي يبلغ الواحد وعشرون عام وتكون له ذمة مالية مستقلة منفصلة لا ينتقص ذلك الحق او تنتهي تلك الذمة او تندمج مع اي شخص اخر حتي بين الازواج لان العلاقة الزوجية لا تنقض تلك الذمة وانما تبقيها كما هي وتكون اموال وممتلكات كل منهم مستقلة ومنفصلة عن الاخر له مطلق الحرية في التصرف فيها كما يشاء.
ما سبق لا يتعارض مع ما اقره القانون تطبيقا للشريعة الاسلامية عندما نص علي ان يرث كلا من الزوج زوجته والعكس ترث الزوجة زوجها في حالة الوفاة وكانت العلاقة الزوجية مستمرة بينهم عند وفاة احدهم كما ورد تفصيلا في قانون المواريث المصرى رقم 77 لسنة 1943 في الباب الثاني منه المعنون في اسباب الارث وموانعه وتحديدا المادة رقم 7 التي تنص الفقرة الاولي منها علي "اسباب الارث الزوجية..."
بذلك يكون القانون يعطي للزوجين الحق في اموال بعضهم لكن بعد الوفاة وذلك حق شرعي اقرته الشريعة الاسلامية واكدت عليه القانون بان للزوج والزوجة نصيب في ثروة الاخر بعد الوفاة كما لغيرهم من باقي الورثة الاخرين نصيب في ثروة مورثهم حتي لم يكن ساعد او ساهم في تنمية تلك الثروة او شارك فيها باي صور المساهمة ما يجعله يختلف كل الاختلاف عن مفهوم تقاسم الثروة المشتركة التي نقصده وان كان احد صور تقاسم الثروة بين الناس عموما بعد الوفاه لكنه يستند الي فلسفة مختلفة وغرض الاهي في تشريعه بعيد كل البعد عن فكرة تقاسم الثروة المشتركة بين الزوجين.
لكن الثروة المشتركة الناتجة اثناء او بسبب علاقة الزواج والزواج علاقة خاصة شديدة الاندماج بين الزوج وزوجته ينتج عنها امور مشتركة كثيرة وتداخل في اغلب نواحي حياتهم ومن المفترض انهم يتشاركون بعضهم البعض ويمكن ان ينتج بسبب تلك العلاقة تداخل واشتراك ايضا في الامور المالية رغم ان لكل منهم ذمة مالية منفصلة ولكل منهم ثروته المنفصلة التي كان يملكها قبل الزواج او التي تحصل عليها بعد الزواج ويمكن ان تكون تحصل عليها بسبب الزواج نفس مثل الهدايا التي يقدمها كلا من الزوجين للاخر.
فمن الطبيعي ان يعمل كلا من الزوجين علي تنمية تلك الثروة ونظرا لطبيعة العلاقة الزوجية قد يشارك الازواج في تنمية ثروة بعضهم البعض وهناك صور عديدة يساهم فيها الزوجين في تنمية الثروة لبعضهم البعض او يكونا معا ثروة مشتركة مثال ان تشارك الزوجة زوجها بعض او كل اموالها او تعطيه منقولات ملكها يستثمرها وتدر عليه دخل او يدخلها في تجارته وتساعده علي زيادة ثروته.
ايضا يمكن للزوجة ان تترك عملها وتحرم من الاجر التي كانت تحصل عليه بسبب سفرها مع زوجها الي بلد اخر او للمشاركة مع زوجها في تجارته واعماله دون ان تحصل علي مقابل ذلك ويمكن ايضا ان تعمل معه في تجارته وتعمل علي زيادة ثروته دون ان تحصل علي اي مقابل هناك صور اخرى مختلفة لمساهمة الزوجة مع زوجها في تنمة ثروته ومنها ما تساهم به الزوجة في البيت من مالها الخاص وحالات اختلاط مال الزوجة بمال الزوج كثيرة ومتعدده المهم ان تكون مساهمتها نتج عنها زيادة في الثروة.
لكن المشرع المصرى لا يعترف بتلك المساهمات ولم يتضمنها في اي من القوانين المصرية لان كل حقوق الزوجة علي زوجها هي النفقة بانوعها والارث بعد الوفاة لكن بعد الطلاق ليس لها غير نفقة المتعة وموخر الصداق وذلك تحصل عليه جميع الزوجات التي ساهمت في تنمية الثروة ام لم تساهم لكن لم يفصل حق مستقل للزوجة التي تساهم او للمساهمة بين الازواج في تنمية ثروة بعضهم البعض.
بخلاف الشريعة الاسلامية التي تعترف بحق الكد والسعاية وعرفت اللغة معني كلمة كد : الشدة في العمل، وطلب الكسب، والتعب.
والسعاية: واصلها من السعي ومصدرها سعى يسعي سعيا من العدو ويقال يسعي يعني يمشي وسعي إذا عمل وكسب.
وعليه فإن الكلمتين تظهران معنى البذل والتعب والشقاء في تحصيل الرزق و تنمية المال.
من التعريف اللغوي للكد والسعاية نتخلص انه حق كل انسان تعب وساهم واشتغل علي تنمية الثروة فيجب ان يكون له نصيب في تلك الثروة باعتباره حق له بخلاف اي حقوق اخرى مستحقة له في تلك الثروة وذلك ما اتبعه الخليفة عمر بن الخطاب عندنا افتي لاول مرة في الاسلام بحق الزوجة في الحصول علي نصيب في ثروة زوجها بعد وفاته بخلاف نصيبها الشرعي في الميراث نظرا لانها ساهمت معه في تمية تلك الثروة وكانت تعمل معه.
إذ وقعــت فــي زمــان الخليفــة عمــر بــن الخطــاب واقعــة شــهيرة عرفــت علــى صعيــد الفقــه الإســلامي باســم واقعــة )حبيبــة بنــت زريــق(، إذ ثــار خــلاف بينهــا وبيــن ورثــة زوجهــا عمــرو بــن الحــارث، الذيــن قامــوا فــور وفــاة بــن الحــارث بالاســتحواذ علــى مــا لديــه مــن أمــوال منقولــة وغيــر منقولــة، وقســمتها فيمــا بينهــم، فأقامــت علیهــم حبیبــة بنــت زریــق دعــوى أمــام الخليفــة عمــر بــن الخطــاب، وطالبــت بحصولهــا علــى عمــل یدهــا ونصيبهــا وســعایتها مــن المــال الــذي تركــه زوجهــا، إذ كان زوجهــا یتاجــر فــي الأثــواب التــي كانــت تقــوم بمســاعدته فــي نســجها وتطريزهــا وخياطتهــا. فقضــى لهــا الخليفــة عمــر بــن الخطــاب بعــد التأكــد مــن دورهــا وجهدهــا وســعايتها فــي نمــاء ثــروة زوجهــا، بشــراكة المــال المتحصــل عليــه بینهــا وبیــن زوجهــا، ومــن ثــم قــام بتقســيم المــال الــذي تركــه عمــرو بــن الحــارث إلــى نصفیــن، ً أخــذت منــه حبیبــة النصــف بالشــراكة؛ أي باعتبارهــا شــريكة فــي تكوينــه بجهدهــا وعملهــا، فــي حيــن أخضــع النصــف المتبقــي مــن المــال إلــى قواعــد الميــراث ومــن ثــم حصلــت منــه حبيبــة علــى مــا هــو محــدد ومخصــص لهــا مــن الميــراث كزوجــة.
رغم قدم تلك الفتوى الا ان اغلب كتب الفقة لم تتناول تلك الفتوى ولم تتحدث علي فكرة تقاسم الثروة المشتركة بين الزوجين او عن حق الكد والسعاية بشكل مطول وانما نجد ان المذهب المالكي اكثر مذهب تناول ذلك الحق وتحدث عنه
فقد ذهب فقهاء المالكية بالمغرب إلى المطالبة بتطبيق حق الكد والسعاية نسبها إلى مذهب الإمام مالك، وذكر محمد المهدي الوزاني في كتابه "المعيار الجديد"، وفي نوازل الوازني أن الأُم إذا كانت تعمل مع أولادها كالغزل والنسيج ونحوهما، فإنها تكون شريكة فيما نشأ عن خدمتهم وخدمتها أيضا بينهما، وكذلك الأُخت مع إخوانها، والبنت مع أُمها، والزوجة مع زوجها، ونساء الحاضرة والبادية في هذا سواء."
وسايرهم الازهر المصرى حديثا بان اعد احياء تلك الفتوى وطلب شيخ الازهرالشيخ الدكتور/ احمد الطيب. في حديث متلفز اذيع في رمضان عام 2022 بإعادة احياء حق الكد والسعاية مرة ثانية نظرا لانها مهجورة ولا يتم العمل بها حاليا واكد علي الي ضرورة حفظ حق الكد والسعاية للزوجة في ثروة زوجها وكان سبق ذلك الحديث مطالبة الازهر الشريف الي احياء هذة الفتوي في بيانه الختامي لمؤتمر التجديد المنعقد في يناير من عام 2020 وكرر الامام شيخ الازهر المطالبة بتفعيل تلك الفتوة لياكد الازهر من خلال لجانة وفعالياته وعلي لسان شيخه حق المراة المتزوجة اذا شاركت زوجها في تنمية ثروتة ببذل المال او بالسعي والعمل معه او بكليهما معا بحقها ان يقدر لها من مال زوجها اجرة سعيها وكدها معه ويمكن للزوجة المطالبة به او المسامحمة فيه او جزء منه ولا يقدر بنصاب محدد النصف او الربع انما يقدر بقدر مال الزوجة الذي انفقته ومقدار الكد والسعي الذي بذلته ولا يدخل في ذلك الحق مقدار العمل المنزلية التي قامت بها.
رغم ان فتوي الكد والسعاية قديمة وان هناك محاولات من الفقاء في العصور قديمة التاكيد عليها ومحاولة تطبيقها لا انه غير مطبقة في مصر ولذلك طالب بتطبيقها رئيس اعلي مؤسسة دينة في مصر وهو شيخ الازهر رغم انها مطبقة في العديد من الدول العربية والاسلامة ومنها تونس والمغرب واندونسيا وتركيا
التجربة التونسية فريدة حيث انها اول دولة عربية واسلامية تطبيق مفهوم الثروة المشتركة بين الزوجية وتجعل لها قانون خاص ينظمها وهو قانون عدد 94 لسنة 1998 مؤرخ في 9 نوفمبر 1998 يتعلق بنظام الاشتراك في الاملاك بين الزوجين وهو قانون مستقل ومبسط يتكون من 23 مادة تناول شروط وحالات وكيفية تقلسم الثروة المشتركة بين الزوجين وارجع العله التشريعية منه الي:" دعما لمبدأ الشراكة داخـل الأسـرة لأنــه:- يقرّ بدور المرأة في بناء العائلة ومشاركتها المالية الفعلية فيها وهو دور عـزّزه المشرّع التونسي تدريجيا انطلاقا من تعديلات 12 جويلية .1993 - يوفّر أفضل الظروف لاستقرار الأسرة وتوازنها لأنه نظام اختياري يقوم على عدّة مبادئ من أهمّها اشتراك إرادة الطرفين في بناء العائلة وتجنيبهـا كافـة أشـكال مظاهر التصدع."
ادراكا من المشرع التونسي لاهمية دور المراة في المساهمة في تكون الثروة المشتركة بينها وبين زوجها وليحافظ علي مبداء التشارك بين الزوجين شرع ذلك القانون وجعلة اختيارى للزويجة لهم مطلق الحرية في تطبيقة عللي انفسهم او عدم تطبيقة لان بموجب ذلك القانون يتفق الزوجين اختيارى علي طريقة تقسيم الثروة المشتركة التي يحققوها اثنا الزواج يتمز ذلك القانون بانه اختيارى للزوجين لهم ان يختاروى تطبيقة عليهم من عدمه اي ليس ملزم لجميع الازواج ان يطبقوه وانما اختيارى لهم تطبيقة من عدمه كما هو اختيارى لهم تطبيقة من وقت الزواج او في اي وقت لاحق
وما يميز القانون ايضا انه يتحدث عن العقارات وحسب دون الاموال او المنقولات فالقانون ينظم عمله تقاسم الاملاك ويقصد بها العقارات لا الاموال ولا المنقولات بالاضافة الي ان القانون يعطي مجال لاختيار الزوجين طريقة التوزيع فلهم ان يختارو ان تكون مناصفتا او باي مقدار اخر ولهم ان يطلبوا تقسيم المال بعد الطلاق فورا او في اجل لاحق علي تاريخ الطلاق او حتي اثناء استمرار العلاقة الزوجية.
اما في يخص التجربة المغربية وان كانت لاحقة علي التجربة التونسية الا انها كانت اشمل واعم وتتعلق بحق الكد الوسعاية وليس بتقاسم الثروة المشركة وحسب المتعلقة بالعقارات كما في القانون التونسي رغم انها تختلف من الناحية التشريعية حيث ان الثروة المشتركة التي ينظمها المشرع المغربي تختلف عن الثروة المشتركة التي نظمها المشرع التونسي من حيث اولا القانون في تونس يوجد قانون منفصل اما في المغرب يتحدث عنها مادة واحدة قانون الاحوال الشخصية وهي المادة رقم 49 من مدونة الاسرة المغريبية "القانون رقم 70.03 مدونه الاسرة" ويرجع غرض المشرع المغربي من وضع تلك المادة كما ورد علي لسانة في دباجة القانون في الفقرة الحادي عشر: أما في ما يخص مسألة تدبير الأموال المكتسبة، من لدن الزوجين خلال فترة الزواج: فمع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة المالية لكل منهما، تم إقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين، في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج، على وضع إطار لتدبير أموالهما المكتسبة، خلال فترة الزواج، وفي حالة عدم الاتفاق يتم اللجوء إلى القواعد العامة لإلثبات بتقدير القاضي لمساهمة كال الزوجين في تنمية أموال الاسرة.
ذلك النص يمثل تطبيق معاصر لفتوي الكد والسعاية حيث انه ينمظ تقاسم الثروة المشتركة التي تححق بين ازلوجين ويساهم كل منهما في تكوينها وعليه افرد لها مادة خاصة تنظمها اما بالتراضي بين الزوجين او ترك امر تقسيمها للقاضي ليحدد وفق طرق الاثبات مقدار مساعمة كل منهم في الثروة منصيبة منها عند تقسيمها ولفظ الثروة التي تقصدة تلك المادة هو شامل المااول والعقارات وغيرها من اي املاك تححق بعد الزواج.
وذلك ما يميز التجربة المغربية عن التونسية اذ تعتبر التجربية التونسية نموذج لتقاسم العقارات وحسب دون غير من مثادر الثروة المختلفة تختلف عن فتوي الكد والسعاية التي طبقها المشرع المغربي في مدونته وجعل التقاسم في كل مناحي الثروة وبقد مساهمة كل طرف فيها.
اخذت المحاكم في المغرب بذلك الحق واعطت للزوجة المغربية الحق في الحصول علي مقابل للكد والسعاية التي بذلتهم في تنمية ثروة زوجها بخلاف نصيبها الشرعي في الارث اوالحصول علي حقوقها بعد الطلاق حيث استند القضاء المغربي في إثبات مشروعية حق الكد والسعاية، حيث جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بإن كان أنه: «وباستعراض العديد من النوازل والفتاوى، وخصوصا الواقعة التي قضى فيها الخليفة عمر بن الخطاب المتعلقة بعمرو بن الحارث وحبيبة بنت زريق سيتضح أن المعيار المتخذ في استحقاق الكد والسعاية هو العمل والكد والسعاية...»
وعلى النهج نفسه سارت المحكمة الابتدائية بأكادير لما أكدت على «أن الثابت فقها وقضاء أن الكد والسعاية هو مقابل الشغل وحق الجراية، ومعناه: حق المرأة في الثروة التي يُنشئها ويُكوِّنها الزوج خلال فترة الزواج، بحيث تحصل على جرايتها مقابل ما بذلته من مجهودات مادية ومعنوية في تكوين هذه الثروة، وسبق أن طبقت السعاية في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وهي ما يعرف بنازلة حبيبة بنت زريق زوجة عامر بن الحارث...»
كمــا عــرف الفقــه فــي اندونيســيا منــذ أكثــر مــن قرنيــن مــن الزمــن مــن خــلال اجتهـادات وفتـاوى ذات ارتبـاط بقسـمة الأمـوال المشـتركة بيـن الزوجيـن، إذ كان هنـاك عـرف مسـتقر يسـمى الجونـو جينـي ) gini gono ) وهـو عـرف يرجـع لإقليـم البنجـار فـي اندونيسـيا، التـي أفتـى مشـايخها بحـق قسـمة الأمـوال المشـتركة بالتسـاوي مـا بين الزوجيـن. وقـد شـاع هـذا العـرف، وأصبـح يطبـق فـي مناطـق كثيـرة منهـا أندونيسـيا وبرونــاي وماليزيــا وســنغافورة وتايلنــد وكمبوديــا وتيمــور الشــرقية. فقــد أفتــى أحــد شــيوخ المنطقــة ) الشــيخ محمــد ارشــد البنجــاري المتوفــي ســنة 1812(، تحقيقــا للعدالـة والإنصـاف بوجـوب قسـمة الأمـوال المكتسـبة للزوجيـن بالتسـاوي شـريطة أن يكـون الـزوج والزوجـة متشـاركين فـي العمـل. أمـا إذا كانـت الزوجـة غيـر عاملـة فليـس لهـا حـق فـي هـذه القسـمة، ويعـود السـبب فـي هـذه الفتـوى إلـى أن النسـاء فـي هـذه المنطقــة كــن يشــاركن الرجــال فــي كســب القــوت والــرزق عبــر العمــل المشــترك فــي الزراعـة وصيـد السـمك، مـا دفـع بالشـيخ محمـد البنجـاري إلـى إصـدار فتـواه بقسـمة الأمــوال المتحصــل عليهــا بالتســاوي بيــن الطرفيــن فــي حــال الوفــاة أو الطــلاق. وهنـاك قـول آخـر، بـأن مـن أفتـى بهـذه الفتـوى )الجونـو جينـي( هـو الشـيخ محمـد زيــن بــن مصطفــى الفطانــي الــذي كان اجتهــاده وفتــواه متعلقــة بمنطقــة فــي جنــوب تايلنــد وكمبوديــا، إذ كانــت النســاء تشــارك الرجــال فــي العمــل بزراعــة القطــن والأرز. وقـد كـن يقمـن بالجهـد والـدور والعمـل ذاتـه، علـى قـدم المسـاواة مـع الرجـال، وبالتالـي أفتـى لهـن بحـق قسـمة الأمـوال بالتسـاوي مـا بينهـن وبيـن الأزواج فـي حـال الطـلاق او الوفـاة لإنصافهـن، كونهـن شـركاء فـي العمـل وفـي تنميـة مـوارد وثـروة أسـرهن
أمــا فــي ماليزيــا فيوجــد عــرف مشــابه للعــرف الاندونيســي، وهــو عــرف ثابــت ومسـتقر فـي تعامـل مسـلمي الشـعب الملايـوي، إذ اعتـادوا علـى تطبيقـه فـي شـؤونهم الاجتماعيـة باسـم »هارتـا سـبنجاريان sepencarian harta»، وهـو العـرف القائـم علـى حــق الزوجــة فــي حــال الطــلاق أو الوفــاة أو الــزواج بأخــرى، بمقاســمة المــال المملــوك لزوجهـا بحيـث تحصـل علـى نصـف المـال الـذي يمتلكـه الـزوج أو اقـل مـن ذلـك وفـق نسـبة مسـاهمتها وجهدهـا فـي تكويـن هـذا المـال وتنميتـه خـلال فتـرة الـزواج، وهـو مـا أقرتـه وأخـذت بـه مجالـس الإفتـاء فـي ماليزيـا التـي أفتـت بشـرعية قسـمة المـال مـا بيـن الزوجيـن وأفـراد الأسـرة عمومـا وفـق جهـد ودور كل منهمـا فـي تكوينـه.
يعود مبدأ الملكية الزوجية المشتركة الإسلامية في إندونيسيا إلى القرن الثامن عشر تقريبا وجرى تطبيق هذا المبدأ في المحاكم الإسلامية الإندونيسية لأكثر من 100 عام وقد ورد هذا المبدأ في كل من قانون الزواج الوطني رقم 1 (1974) ، الخاضع له كافة الإندونيسيين من جميع الأديان، وفي جمع الأحكام الإسلامية قانون رقم 1991/1 ، وهو قانون يختص بالأسرة والميراث، وينص هذا التجميع على أن الملكية الزوجية، المشار إليها بكلمة"bersama harta "الاندونيسية والعبارات المشتقة من اللغة العربية "syirkah "أو "syarikat"، هي جميع الممتلكات التي يتم اكتسابها أثناء الزواج إما شكل فردي من طرف الزوج أو الزوجة أو من خلال جهودهما المشتركة وبغض النظر لمن تتبع ملكية العقار. تتكون الأموال المشتركة مما جناه أي من الزوجين خلال الزواج باستثناء؛ التي يملكها أي من الزوجين قبل الزواج أو المكتسبة خلال الزواج عن طريق الهداية والميراث.
اذا فتوي الكد والسعاية رغم انها جديدة علي مسامعنا في مصر لكن مطبقة ومقننة في بعض الدول العربية والاسلامية ويتم العمل بها منذ عشرات السنوات وان اختلفت اشكال تطبيقها من بلد لاخر لكن جميعا تدور حلو فكرة تقاسم الثروة المشتركة بين الزوجين بالنسبة للثروة التي يساهم كل طرف في الاخر في تحقيها او تنميتها دون ان يكون حقه موثق فيها لذلك يجب ان يتم تطبيقها وتقنينها في مصر وان كان هناك احاديث حول صدور قانون احوال شخصية جديد في مصر يقال انه سوف يتنظم ذلك الحق وان كنا نشجع المشرع علي اتخاذ تلك الخطوة والاسراع فيها
وان يتضمن مشروع القانون المزمع اصدارة باب او فصل ينظم تقاسم الثروة وفق فتوي الكد والسعاية وان يتضمن مادة او اكثر لتنظيم ذلك الحق ينص فيها صراحة علي حق الزوجين في تقاسم الثروة المشتركة التي تتكون بعد الزواج بسبب مشاركة كل طرف للأخر في تنمية ثروته ويكون لكل منهم نصيب في تلك الثروة بقدر مساهمته مع اعطاء الحرية للطرفين علي تنظيم ذلك بالاتفاق والتراضي بينهم .